كلاسكيات مصرية

الخميس، 28 مارس 2013

معرض رسوماتى

 

رسومات من صنع الخيال والحب
 




لاشك أن الرسم فى حياتى كان باعثا لإخراج ماقد يختلج فى نفسى من ملكات على شكل خطوط وألوان .. رؤية خاصة تبدو بالضبط كبانوراما .. الواقع بأحاسيس الأعماق تعلن عن عمق ماأودعه الله فى قلبى من حب لهذا النوع الرائع من الفنون الذى تحكمه عفوية التوجه النفسى الداخلى ، وينبض بمايعجبنى من أشياء حقيقية ملموسة .. إنها كاميرا عيونى الخاصة التى تتغلغل أحيانا فى أغوارى لأنفذ خلف السطوح الظاهرة بحثا عن حقيقة ما داخل شيئ ما فى عملية تتم فى إطار غوص جريئة داخل النفس ، قد تكون رحلة البحث عن الذات .. أو رحلة ممتعة فى نفوس الآخرين .. ورحلة الإبحار هذه ليست بحثا عن الجمال الحسى فحسب ، بل لإضفاء نوع من قوة التعبير وجمالية التفرد ، مما يهز قلبى هزا ويوقظ عواطفى إيقاظا أحيانا بألوان قوية جذابة لم توظفها ريشتى فقط لغرض ما ، بقدر ماتستهدف الرمز ، الذى يجيئ استخدمى له لخلق نوع من التصور الجمالى المؤثر والجذاب أيضا ، وأحيانا أخرى باهتة بتعبير لحظى نفسى حال الرسم ، فتبدو عفوية اللقطة وبساطة ذكاء الفكرة فى عناق احلامى المنبعثة من اللاشعور ، تلك الأشياء المسكوت عنها أو الساكنة فى أعماقى ، تبدو لتطل بين الحين والأخر ، كمتنفس حتى لايضيق صدرى ، من هنا تبدأ رحلتى مع الرسم ، أو رحلة الفن مع وجدانى ، وتبدأ يدى بوضع أولى خطوات المنشأ بإمكانياتى المتواضعة فى شكل خطوط تفتقد أول الأمر إلى الإتزان ، ولكن إيقاعها يزداد لحظة بلحظة تنشد حلما ضائعا بحاضر مبهر ، كل ذلك يتم فى تحولات ملموسة تترك بصمات ماتحويه نفسى على الأوراق أمامى تعبيرا عن وجدان الحياة ليبدو أى عمل بإفصاح ماأقوم به ، محققا ماأسميه بالتشبع الفطرى لحبى للأشياء من خلال معرفة يدى لمعنى تشابك الخطوط وتباسطها وانفرادها وتحاورها وتحورها أيضا من شيئ لشيئ آخرليتكون فى النهاية ماأصطلحت على تسميته بمعيار الأصالة فى نفسى ، فالأصالة هى استلهام الحاضر بموروث الماضى فى اندماج مع التجربة الذاتية لإنسانيتى أى تفردى ، وهذا يفتح بالطبع آفاق جديدة للفكر والشعور .


واسمحوا لى أن استحوذ على بعض اهتمامكم فى استعراض القلة الباقية من رسومات وضعتها أناملى فى الماضى ، رغم بساطتها إلا أن الاحساس بها يمثل الفرق بين الحنين والتنوير الذهنى وتذويبهما يعطى درجة الوعى للمثول أمامكم عبر مصفاة خيالى لتبدو أكثر جوانب الإفصاح فيما أضعه بين أيديكم .



"حبيبة" صورة تعبيرية عن خطوط صريحة عبرت بها عن تخيلى للصورة التى كنت أتمنى أن تكون عليها الحبيبة بوجها المستدير ، وأنفها المتقن الصغير ، وعينيها السودوين المتسعتين ، وفمها الصغير الذى يحمل شفتين ممتلئتين تعلوهما ابتسامة الحب والرضا ، وفوق الوجه شعر أسود مسترسل طويل .. تصور بشكل ومعنى غير محقق ، فيها تفرد ووحدوية رغم بساطته الشديدة .



"عتاب ودلال"هذا البورتريه مستوحى من البيئة الشعبية الريفية تأثرت فيها بجمال ونقاء الحياة بين أحضان الطبيعة ذات المساحة الواسعة بإيقاع حياة القرى اليومية بحكاياتها وادواتها المعيشية من بيوت وطرق وأشجار وعلاقات الناس التى تختلف عن حياة المدن فى الكيف والنوع ، هذه اللوحة اسميتها عتاب ودلال ، افصحت فيها بجلاء عن طبيعة المرأة الريفية وعفويتها فى علاقتها بالرجل وخاصة إذا أحست بجمالها   .

 
 
 
 


 
















 
 

 
هنا مجموعة من رسومات من أجندة الجامعة ، فمن عادتى أننى لم استطع الصمود فى سماع محاضرة يتجاوز وقتها الساعتين ، وبالطبع لم أجد مفرا من اللجوء إلى الرسم كى أقتل به الوقت المتبقى الشارد من سماع الأساتذة ، فتعددت رسوماتى بأشكال ومحددات عن تصور الراقصة سواء المحترفة أو الهاوية ، ولم أكن أدرى ماالحكمة التى اقتضاها هذا الفكر الذى عنيت به فى تلك الفترة غير أنها تعبر وبجلاء عن ذاكرة مراهق نمت فى فترة كنت فى هوس علاقات كثيرة بالجنس الأخر ، كنت أرسم خطوط دون تحديد ملامح الوجه حتى أدرأ عن نفسى تهمة رسم شخصية بعينها .



بروفيل" هذه الصورة عبارة عن خطوط أيضا رسمتها خلسة لزميلتى بالجامعة فى وضع جانبى ، كانت جادة ، تمعن فى الإنصات لسماع المحاضرات ، وكنت أحسدها على ذلك لأنها كانت تجيد فى الشيئ الذى أفتقده ، وطالما تمنيت أن أكون مثلها ولكنى فشلت ،ومع هذا كنت انجح معها حتى حصلنا على الليسانس معا .
  
 

تأكيدا على خيالى للبيئة الريفية الخصبة الغنية بالتفاعلات العفوية والعواطف البريئة لم تكن قد سطحت عليها بعد هيمنة الحضر بمادياته ، فهنا أواصل رسم أشكال مختلفة للمرأة الريفية وهى تحمل البلاص الشهير المملوء بالمياه   .


والأخرى وهى تستريح من عناء طول رحلتها اليومية ، صور تحمل معنى ذائقة فنية كعشب النخيل فى خصوبتها لاتعرف حدودا .

 

 
 
 

هنا مجموعة من الصور للفنان العظيم الراحل عبد الحليم حافظ والحق أن وجه حليم كان يذخر بكل الأحاسيس والمعانى فضلا عن خطوط وجهه الواضحة والصريحة والمعبرة ، قلما تجتمع هذه الأشياء معا فى إنسان واحد ، وفى حالة كحالة عبد الحليم الذى أعطاه الله مواهب أخرى فبدت العبقرية ليظل أسطورة على مدى الأيام والعصور ، وقد رسمت له أكثر من ثلاثمائة صورة منذ فترة طويلة أيام الدراسة ومابعدها وكنت أيضا حريصا آنذاك على أن أنشر حب عبد الحليم فى قلوب الناس عن طريق رسم هذه الصور وتوزيعها لكل أصدقائى وأحبائى كان هدفى ، ولم يبق إلا هاتان الصورتان وصورتان أخريتان رسمتهما حديثا ، فهذا أقل مايمكن تقديمه لفناننا الراحل العظيم الأسطورة ، دام لنا فن وحب حليم .
 
هنا بورتريه اسميته "آفاق " رسمته مستوحيا من كتاباتى عن موضوع الإسكندرية أيام وليالى وذكريات قصص الحب الصيفية التى طالما ارتبطت بوجدانى .

 
هذه الصورة من رسوماتى الحديثة لـفتاة فى العشرينات لفت نظرى فيها جمالية البراءة وابتسامة الرضا لوجه يحمل جناحى عصفورة وقلب فراشة حالمة مشرئبة بالحب .. باحثة عن اللون والهواء معا .

هذا البورتريه اسميته " تأمل" من الرسومات التى تميزت بالإسقاطات الضوئية المعبرة عن حالات نفسية معينة ، تأسرك لتعيش معها لحظة بلحظة بالنظر إلى الطبيعة من النافذة التى تستشرف الحياة غير المكتظة بالحركة ، بأحلام وأمانى خاصة ، إنها تأملات بطعم التمرد والتحدى واستغراق الروح لحياة كاسرة لإيقاعاتها الجوانبية .

 

"ظلال وألوان" صورة لأخى لم تكتمل ، عاش حياة مضطربة ومات معه سره ، حتى عند رسمى لهذه الصورة تاهت مابين الظلال والألوان ، فتركتها على هذا النحو.

 

هنا بعض رسوماتى لوجوه بحالات مختلفة مابين استغراب

 
"تطلع وحنين" صورة رسمتها من كلمات أعجبتنى لنزار قبانى ، جمعت هذه الكلمات من قصائد شتى ، ووضعتها فى منظومة واحدة ، ورحت أعبر عنها برسمى لها ، تقول هذه الكلمات : أغلقى جميع كتبى وأقراى خطوط يدى أو خطوط وجهى ، إننى أتطلع إليك بانبهار طفل .. أتطلع إليك كل مساء .. فكرت أمسى بحبى لك ، وأحببت التفكير بتفكيرى .. تذكرت فجأة قطرات العسل على شفتيك ، فلحست السكر من جدران ذاكرتى .
"فكر عميق" صورة رسمتها فى مكتبة الجامعة ، وجدتها غارقة فى كتاب مستعار من المكتبة وانشغلت به ، فقمت أنا الأخر باستعارة كتاب ووضعته أمامى ولم أفتحه قط ، وأخذت فى رسمها حتى انتهيت وتركت المكان وهى على نفس الحال .
 
 
هذه الصورة لخالى محمد كنت قد بدأت فى رسمها منذ سنوات طويلة بناء على طلبه ، فهو أول من اكتشف حبى للرسم وهو أول من شجعنى على إنماء هذه الموهبة  حيث كان يرى أن لديا موهبة وتنبأ لى بأننى سأكون فنانا متميزا وكبيرا ، للأسف أخذلته ، حتى هذه الصورة تركتها بعد أن قطعت فيها شوطا كبيرا ، توقفت ولم أكملها واندست بين الأوراق ، وتهت مع السنين والأيام وتغير مسار حياتى على النحو الذى لم أرجه ولاآمله تركت خلالها الرسم ، حتى وقعت عينى عليها منذ فترة  ففكرت فى استكمالها ، وكان ذلك متزامنا مع وجوده بالعناية المركزة بالمستشفى فى غيبوبة كاملة ،  كان يحدونى الأمل فى أن يفيق ويراها ، ولكن ليس كل مايتمناه المرء يدركه غادر الحياة بعد أن فرغت من رسمها بيوم واحد ، رحمة الله عليه .
 
 
"واسلاماه" كلمة تهز الوجدان وتشعر الإنسان المسلم بالغيرة على وطنه وعروبته منذ أن أطلقتها إمرأة عمورية حتى وقتنا هذا ، وهذه الصورة من الصور القديمة كنت قد رسمتها وأنا طالب فى الثانوية العامة كتصميم لغلاف لمجلة المدرسة اسميتها "واسلاماه" وكان أول عدد صدر منها أظن أنها واكبت بداية سنة هجرية .
"هاميس" أخر عروس للنيل ، صورة رسمتها كما تخيلتها لبطلة خواطرى القادمة "وفاء إيزيس وعودة هاميس" وهى خاطرة تجسد معنى وجمال الوفاء والحب فى حياتنا سأنشرها فى هذه المدونة بإذن الله تعالى فى ثمانية أجزاء  .







وأخيرا " ياحبيبتى يامصر" ياأغلى اسم فى الوجود ، يااسم مخلوق للخلود ، لوحة رسمتها بإشراقة الصباح .. بشمس بترش الحنين .. بالتطلع لبكرة الذى يحمل دائما كل جديد ، لتبقى بلدنا مصر عزيزة أبية لاتغرب عليها الشمس أبدا.
أعزائى أشكركم على تواجدكم معى فى هذه الرحلة التى مثلت خلاصة مرحلة إنسانية عشتها بدفق الماضى وجمال الحاضر ، رحلة وضعتنى على قارعة الأمل باستشراق غد أفضل ، لافتا قلوبكم وعيونكم لبعض انبعاث الخاطر منى ، وإقرارا بمدى تذوقكم العالى الذى استندت فيه على فكرة نشر هذه الرسومات التى ترى النور لأول مرة بعد أن ظلت حبيسة الأدراج لسنوات.
مرة أخرى أشكركم ، ولكم تحياتى واحترامى الشديدين .
مع خالص تحياتى وامتنانى